الدين بين إيمان القلب وعقلنة المعرفة

260
✍ كتب الشيخ عماد مجوت 📝
🔹🔸أحد طلبة جامعة الصدر الدينية🔸
📚 الدين بين إيمان القلب وعقلنة المعرفة .
في مسرح التجاذبات النفسية، وحاكمية التوجهات الإيحائية للشخصية الخفية ، يدخل الدين في تلك الساحة بما يملك من رصيد قدسي لا يمكن أغفاله في ساحة سمو الذات والظهور بمظهر الكمال .
وبعيدا عن التجارة بأسم الدين ومحاولة جعله واجهة التعاملات المكسبية، ثمة جدلية أخرى تتناوله من حيث كونه مقولة معرفية منتمية إلى ميدان الفكر والمعرفة يمثل العقل وقوانينه حاكمية فوقانية ، ومرجعية عليا له ،بحيث تقاس أنفاسه بأنفاس حداثة التصورات التي تخلفها ريشة الزمان والمكان ؟
أم هو مقولة روحية تمازج وجدان الإنسان ولا يمكن تذوق طعمه وظهور أثاره في الخارج بما ينعكس ضياءه على الفرد والمجتمع إلا إذا أخذ كمنظومة متكاملة تتوزع الأدوار فيها بين المعرفة العقلية والإيمان القلبي ، فالأول دليل، والآخر خليل ؟
والكتاب شاهد ، ولسانه ناطق ، بأن البرهان لا يفارق الإيمان، وهما كاللسان والبيان، وخلان صنوان، قال تعالى : ﴿يا أَيُّهَا النّاسُ قَد جاءَكُم بُرهانٌ مِن رَبِّكُم وَأَنزَلنا إِلَيكُم نورًا مُبينًا * فَأَمَّا الَّذينَ آمَنوا بِاللَّهِ وَاعتَصَموا بِهِ فَسَيُدخِلُهُم في رَحمَةٍ مِنهُ وَفَضلٍ وَيَهديهِم إِلَيهِ صِراطًا مُستَقيمًا﴾[النساء: ١٧٤-١٧٥] .
والهداية والاستقامة بالجمع بينهما، فالتفريد تفريط، والتبعيض تضيع ، والجمع بصر وبصيرة، قال تعالى : ﴿ قَد جاءَكُم مِنَ اللَّهِ نورٌ وَكِتابٌ مُبينٌ * يَهدي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخرِجُهُم مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النّورِ بِإِذنِهِ وَيَهديهِم إِلى صِراطٍ مُستَقيمٍ﴾ [المائدة: ١٥-١٦] .
فلا تغتر كثيرا بمفردات الابستملوجيا، وغيرها مما يثقل القلب فتطلب الحق بالقياس فتسد عليك الأبواب، فتأمل قوله تعالى: ﴿وَيَقولُ الإِنسانُ أَإِذا ما مِتُّ لَسَوفَ أُخرَجُ حَيًّا * أَوَلا يَذكُرُ الإِنسانُ أَنّا خَلَقناهُ مِن قَبلُ وَلَم يَكُ شَيئًا﴾
[مريم: ٦٦-٦٧] . تجد ميزان الميزان .
ولا تشرح صدرك كثيرا من الروح ، والانبساط من دون هداية العقل ونوره ، قال تعالى حكاية عن بساطة التصرف : ﴿إِنَّ الَّذينَ يُنادونَكَ مِن وَراءِ الحُجُراتِ أَكثَرُهُم لا يَعقِلونَ * وَلَو أَنَّهُم صَبَروا حَتّى تَخرُجَ إِلَيهِم لَكانَ خَيرًا لَهُم وَاللَّهُ غَفورٌ رَحيمٌ﴾[الحجرات: ٣-٥] .فالعقل ميزان الإيمان .
فعرج بنور العقل والحكمة في ميدان القلب والبصيرة ، فالبرهان والعرفان جناحان والقرآن ميدان، والإنسان قاصد وحاصد ، وجاد وواجد، والأعمال بخواتيمها ﴿وَأَن لَيسَ لِلإِنسانِ إِلّا ما سَعى * وَأَنَّ سَعيَهُ سَوفَ يُرى * ثُمَّ يُجزاهُ الجَزاءَ الأَوفى﴾[النجم: ٣٩-٤١] .