من نحن

900

من نحن

الغاية من جامعة الصدر الدينية

شعرت المرجعية الرشيدة بوجود عدة نقائص في النظام المتداول في الحوزة العلمية الشريفة وبقصور عن مواكبة تحديات العصر واستيعاب ثقافاته فمن تلك النقائص:

1- عدم وجود بداية واضحة للعام الدراسي ولا نهاية كذلك، فالزمان مفتوح لكل طالب في ان يلتحق متى شاء بحلقات الدرس الموجودة، وقد يكون قد فاته الكثير من المادة ولا يتمكن من تداركها فيحصل ارباك وخلل في مسيرة تحصيله العلمي.

2- عدم خضوع الطالب لنظام دقيق في التقييم لغياب آلياته كالامتحانات ونحوها فلا تعرف مستويات الطلبة ولا كفاءاتهم حيث يستوي الجميع في التلقي من الاستاذ اللهم الا من خلال بعض المناقشات التي تحصل.

3- لا يوجد نظام اداري لضبط تحصيل الطلبة وسلوكهم والتزامهم وتنظيم دروسهم وانما المسألة متروكة للطالب والمدرس في ان يفعلوا ما يشاؤون وفق امزجتهم، ولعدم وجود مثل هذه الادارة فلا توجد جهة يمكن ان ترعى الطالب خصوصاً المبتدئ لتنظم له الدروس وترعاه وتحلّ مشاكله، وقد يُمضي الطالب مدة طويلة لكي يعرف ماذا عليه أن يدرس ومن ثم لكي يحصل على مدرس للمادة وقد يكتشف ان هذا المدرس غير كفوء فيتركه ويبحث عن غيره وقد لا يتلقى العلوم بمراحلها التدريجية الصحيحة وكل هذه المشاكل لعدم وجود إدارة وجهة مشرفة توجهه وتأخذ بيده.

4- عدم وضع طرق صحيحة للتدريس يسير عليها المدرسون ولا خطة سنوية لتنظيم منهجهم في تدريس المادة، ونحن نعلم ان من المواد الاساسية للتعليم هي طرق التدريس ومناهجها وآلياتها وقد يكون لكل علم طريقة تناسبهُ غير الآخر وهذا الشيء غير موجود في الحوزة وإنما كل مدرس يعتمد على قابلياته ونظرته الخاصة.

5- غياب دروس اساسية ولها اهمية كبيرة في تكوين شخصية طالب العلوم الدينية الذي سيكون في يومٍ ما مصلحاً اجتماعياً وهادياً وقائداً للأمة كالاخلاق والتفسير والتاريخ وعلوم القرآن والحكمة والعقائد والوعي الاجتماعي.

6- اعتماد المصادر القديمة التي تفتقر الى المنهجية الفنية واحتوائها على مطالب لم تعد ذات قيمة او خارجة عن العلم الذي تبحثه وتعقيد عباراتها فينشغل بحل رموزها الطالب والاستاذ اكثر من انشغالهم في فهم المادة العلمية.

7- عدم الاستفادة من العلوم العصرية في المنهج الدراسي رغم وجود عدة ثمرات في تدريسها كالاطلاع على اسرار وحكم التشريع وتنقيح موضوع الحكم الشرعي وفهم الروايات بشكل دقيق في بعض الموارد وتساعد احياناً في تحديد الملاك الأهم عند التزاحم كما انها قد يستفاد منها احياناً في الاستنباط الفقهي نفسه(1) مما لا يمكن تحصيله بدونها.

8- عدم وجود آلية ناضجة لتدرج الطالب في تحصيل علوم تهيء ذهنيته لتقبل المطالب بشكل جيد لان المناهج الدراسية لم تؤخذ في وضعها هذا الامر وانما هي مؤلفات لاصحابها ثم جعلت مناهج دراسية.

9- الزام الطلبة جميعاً بالسير على منهج واحد من دون مراعاة لقابلياتهم ولرغبتهم في التخصص في حقل علمي دون آخر وعدم مراعاة حاجة الأمة والرسالة الاسلامية التي سيحملها الحوزوي الى مثل هذا التخصص.

10- عدم وجود ضوابط دقيقة لقبول الطلبة من حيث استعدادهم الذهني وسمعتهم الاجتماعية وتوزيعهم الجغرافي وثقافتهم العامة لهذا تجد التباين الواسع بين مستويات الطلبة وتغلغل الكثير من العناصر الفاسدة والضالة والمندسّة.

11- تصدّي كل من هبّ ودبّ للتدريس لعدم وجود رادع، لا ذاتي ولا خارجي ولا جهة مشرفة تقيّم الاساتذة وتوجه الطلبة للحضور عندهم.

12- ضعف النشاط الاجتماعي للحوزة سواء على مستوى التبليغ او التلاقح مع الجامعات او الحوار مع الحضارات او الديانات والتيارات الثقافية والفكرية الأخرى.

13- عدم التعرف على قدرات الطلبة العلمية والاجتماعية والفكرية مما ادى الى تصدي من ليسوا بأهل لمسؤوليات مهمة كالوكالة عن المرجعية الشريفة او ارتقاء المنبر الحسيني او إمامة الجمعة والجماعة.

وبقي السؤال الأهم انه كيف يمكن إصلاح كل نقاط الخلل هذه فان العوائق كثيرة ليس اهمها المانع الخارجي أي الاعداء المتربصين بالحوزة المراقبين لتحركاتها وتوجهاتها من ازلام النظام وغيرهم، وانما هناك مصاعب اخرى:

1- عدم وجود ادارة مركزية للحوزة تستطيع فرض قراراتها، فان المرجعية متعددة، والطالب يستطيع ان يمنح ولاءه لمن شاء ومتى شاء فاذا شعر ان مرجعية ما لا توافق اهواءه ومصالحه او تريد منه التزامات معينة فرَّ منها لتحتضنه أخرى وترفع عنه تلك القيود وينال الحظوة لديها.

2- عدم الشعور بالحاجة الى الاصلاح والتطور وهذا الشعور هو أول دافع للعمل.

3- وجود المنتفعين من هذا الخلل وذوي المطامع وأهل المصالح والاهواء وكثير منهم ممن توصل الى حاشية المرجعية واصبح مؤثراً فيها.

4- عدم وجود الكفاءات العلمية الكافية التي تستطيع تنفيذ هذه الاصلاحات وتحويلها من حيز النظرية الى التطبيق بتأليف المناهج واتباع الاساليب المقترحة للاصلاح والقيام بالمسؤوليات المتعددة.

لهذه الاسباب وغيرها فشلت دعوات اصلاحية كثيرة حاولت مرجعيات متعددة ان تقوم بها لكن رسوخ الحالة الحوزوية ودفاع المتحجرين عنها اجهضها ولم يُعد بمقدور حتى المرجعيات المهمة ان تُحدِث ثورة اصلاحية في الحوزة، من هنا كان العلاج الانسب هو الاصلاح التدريجي، بمعنى اتخاذ مدرسة نموذجية تطبّق فيها الاصلاحات ويُقبل فيها طلبة بمواصفات خاصة وتدار بادارة كفوءة وتوفر فيها امتيازات اضافية وتوضع لها مناهج دراسية متكاملة ولو عن طريق تأليف كتب جديدة او تبديل كتب دراسية متعارفة وبعد نضجها وتكاملها تتوسع الى مدرسة أخرى وهكذا حتى تشمل تدريجياً أغلب مدارس الحوزة الشريفة من دون ان تثير غضب وحساسية الآخرين، وحملت هذه المدرسة النموذجية اسم (جامعة الصدر الدينية) وفاءً لصاحب الفكرة الأصلية وهو الشهيد الصدر الأول (قدس سره) ولمن نفذ الفكرة وأسس الجامعة وهو الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) عام (1417).

 

وحملت هذه المدرسة النموذجية اسم  (جامعة الصدر الدينية) وفاءً لصاحب الفكرة الأصلية وهو الشهيد الصدر الأول (قدس سره) حيث كانت من امنياته التي لم تتحقق في حياته، ان الشخص الذي يريد ان الالتحاق في الحوزة العلمية حاصلاً على الشهادة الاكاديمية.

 ولمن نفذ الفكرة وأسس الجامعة وهو الشهيد الصدر الثاني (قدس سره) عام 1417، وقد أَرَّخ افتتاحها المرحوم الشيخ عبد الامير الحسناوي بعدة ابيات قال فيها:

هذه جامعة دينية

شادها الصدر معز المؤمنين

حجة الإسلام رمز للتقى

آية الله منار المتقين

شادها للعلم والتقوى معاً

فغدت تزهو بإيمان ودين

فبه قامت ومن افضاله

قد سمت جامعة للدارسين

ولسان الدين أرخ (هاتف

ادخلوها بسلام آمنين)          1417

 

 

 

وقال ايضا رحمه الله تعالى :

جامعة شيدت بأرض الحمى

لقد غدت في فنها رائعة

أشادها محمد جاهداً

علومها من علمه نابعة

يا طالب العلم اليها انتمي

دروسها مفيدة نافعة

هيا التحق فيها وأرخ (بان

جامعة الصدر انت جامعة) 1417هـ

 

 لكن المشروع بقي في مكانه ولم يكن بمستوى الطموح حتى كان يوم الثلاثاء 21 صفر 1419 حيث استدعاني سيدنا الاستاذ الصدر (قدس سره)  وقال لي: ان جامعة الصدر لا يستطيع أحد ان يتقدم بها غيرك وقد كانت تحوطها قبل الآن الكثير من المشاكل وقد زالت الآن فاستجبت لرغبته وتسلّمت إدارة الجامعة على بركة الله تعالى طالباً التسديد منه جلّت وعظمت قدرته.

وقد ارخ هذا الاستلام المبارك لعمادة الجامعة الشيخ الشاعر :

 

شعر الاستلام

وقد سعيت بمؤازرة الطلبة والاساتذة الذين لم يبخلوا عليَّ بالنصيحة واستفدت من افكارهم النيرة فحققنا في الجامعة من الاعمال ما لا يوجد في غيرها من مدارس الحوزة

 

 

 

(1) راجع كتاب الرياضيات للفقيه