يوم الجامعة

597

 

( يوم الجامعة) ([1])

 

لقاء تأريخي مهم جمع بين السيد الشهيد محمد محمد صادق الصدر (عليه الرحمة والرضوان) وطلبة جامعة الصدر الدينية، والذي صرح فيه السيد الشهيد بتعـيين المرجـع الوريـث له حيث قال في وصيته:

(والآن أستطيع أن أقول أن المرشح الوحيد من حوزتنا هو جناب الشيخ محمد اليعقوبي إذا أمد الله بي العمر إلى الوقت الذي شُهد باجتهاده فأنا لا أعدو عنه هو الذي ينبغي أن يمسك زمام الحوزة بعدي)([2]).

وبرغبة من طلبة جامعة الصدر الدينية وبمباركة وحضور عميدها المرجع الديني الشيخ محمد اليعقوبي (دام ظله) وآخرين كانوا يعملون ضمن مكتب السيد الشهيد آنذاك سنذكر أسماءهم لاحقاً تحقق اللقاء.

فالتقى (قدس سره) بطلبة جامعة الصدر الدينية بعيداً عن أعين السلطات الصدامية والمتربصين والمنافقين وذلك في قاعة جامعة الصدر الدينية (مدرسة البغدادي) الكائنة في النجف الاشرف ساحة ثورة العشرين، وكان ذلك بعد استشهاد الزهراء (عليها السلام) في يوم الأحد بعد صلاة الظهرين في الخامس من جمادي الآخر سنة 1419هـ والموافق 27/9/1998م، أي قبل استشهاد السيد الصدر بخمسة أشهر، والذي عاصر تلك الفترة يتذكر كيف هي الأجواء مع السلطات الصدامية خاصة الأشهر الأخيرة التي شهدت تصاعداً من قبل أجهزة السلطة، وسوء تصرف من بعض الأتباع المندفعين للتصادم، وكأن السيد الشهيد يسابق الزمن في عدة أمور منها فرصة هذا اللقاء وما سيقوله فيه من وصية مهمة مثلت وتمثل انعطافة في قيادة الحركة الاسلامية في العراق.

وأعتبر هذا اللقاء – ولا زال- من أهم المحطات والأحداث المفصلية في تاريخ الجامعة، لما له من ثمار آنية ومستقبلية، فأما الثمار الآنية  فهي تشرف الجامعة في حينها بزيارة السيد الشهيد وتناول وجبة الغذاء مع طلبتها والحديث إليهم وجها لوجه في مواضيع مختلفة ومهمة، والكل يعلم ما للجلوس مع السيد الشهيد من أثر والتزود منه فكريا وروحيا فكيف إذا كان يريد أن يلقي عليهم قولاً ثقيلاً ويجعلهم الشهود عليه مستقبلاً.

وأما الثمار المستقبلية فإن طلبة الجامعة -كلهم أو بعضهم- على درجة من الوعي حينها تؤهلهم لمعرفة مراد السيد الشهيد من تعيينه وتنصيبه للخلافة والمرجعية من بعده، فإنهم خير شاهد على هذه الوصية والتي أناطها بسماحة الشيخ اليعقوبي (دام ظله).

وحضور هذا التنوع من المستمعين مثّل حالة استشرافية لدى السيد الشهيد وذلك فيما لو أنكره بعضهم فان بعضاً آخر سيشهد بما قيل في اللقاء خاصة وان التسجيل الصوتي دليل لا يمكن نكرانه، وليس مثل السيد الصدر من يترك هكذا فرصة للقاء- مع بذرة مباركة كجامعة الصدر الدينية التي زرعها واهتم بها وأراد لها أن تكون منبعا للعلم والثقافة والفكر المحصن للأمة في ما يحدث اليوم مما يسمى بصراع الحضارات أو صدامها أو حوارها، والقيام بالتصدي للأمور القيادية في المحافظات فضلا عن النجف، وقد تحقق بالفعل ما تنبأ به السيد الشهيد لطلبة الجامعة في إدارة فروعها في المستقبل- دون أن يلقي على مسامعهم بعض الوصايا والتوجيهات.

وقد كان (رحمه الله) ملتفتاً إلى أن الحضور ينتظرون منه هذه الوصايا والتوجيهات لأسباب عدة، من أهمها مرور الحوزة بمرحلة خطيرة جداً تصل إلى حد استهداف شخص السيد ومرجعيته ومشروعه بالدرجة الأساس، وكان هذا اللقاء على أثر اجتياز السيد الشهيد (قدس سره) أحدى حلقات مسلسل التآمر المعد له من قبل السلطات الظالمة.

حيث دبرت السلطة الصدامية آنذاك مخططاً تريد منه اتهام نجل السيد الصدر الشهيد مصطفى الصدر (عليه الرحمة) باغتيال المرجعين الشهيدين الشيخين الغروي والبروجردي (قدس سريهما).

وكان بعض مناوئي السيد الصدر من الحوزة يترقبون نهايته، وعلى حد قوله (قدس سره) في اللقاء: (كان بعض فضلاء الحوزة يقول أن بالون محمد الصدر سينفجر قريباً ويتلاشى)([3])، فالأجواء في توتر لا يعرف نهايتها إلا هو فقد حدثت عدة مصادمات وتحرشات من قبل السلطات الصدامية مع مصلي الجُمعات في المحافظات، ووصلت رسائل مباشرة تهدده وأخرى غير مباشرة عن طريق اغتيال الشيخ البروجردي (رحمه الله) بتاريخ 22 ذي الحجة 1418هـ ـ، ثم بعده بشهرين تقريبا الشيخ الغروي (رحمه الله) في إشارة واضحة إلى السيد الصدر(قدس سره) وهو قد فهمها وكان يتوقع اغتياله بأية لحظة حتى أنه قال : (ما ثُني إلا وثُلِث)([4]) هذا من جهة، ومن جهة أخرى كان السيد (رحمه الله) قد عين سماحة الشيخ اليعقوبي على أدارة جامعة الصدر الدينية مما سبب حسد الحاسدين وامتعاض بعضهم وعدم تقبله للأمر رغم ادعائهم تقليد وطاعة السيد (رحمه الله تعالى) وبعضهم ممن يعمل في مكتبه أو كان يسمى من (المقربين)، فبذلوا الجهد في إفشال هذا الأمر- قولا وعملا – حتى وصل الحال ببعضهم إلى إرباك طلبة الجامعة ومحاولة إشراكهم في هذا الأمر.

والحمد لله تعالى لم يتحقق ما مكروه وانقلب السحر على الساحر ) وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ(([5]).

وقد كان السيد مقتدى الصدر يتولى تمشية الأمور في بداية تأسيس الجامعة، ثم لما رأى السيد (رحمه الله تعالى) ضرورة الارتقاء بمستوى طلبة الجامعة علمياً وأخلاقياً وفكرياً وإدارياً وان الوقت قد حان لتأخذ مكانها في الحوزة الشريفة عين سماحة الشيخ (دام ظله) عميداً للجامعة ومشرفاً على شؤونها لأنه الوحيد المؤهل لهذا الأمر من جميع الجهات.

يقول سماحة الشيخ (دام ظله): (يوم الثلاثاء 21 صفر 1419 استدعاني سيدنا الأستاذ الشهيد الصدر الثاني- أي قبل تسعة أشهر من شهادته (قدس سره)- وقال لي:

(إن جامعة الصدر لا يستطيع أحد أن يتقدم بها غيرك)([6]).

وطلبة الجامعة الذين عاصروا هذه الفترة يتذكرون هذه الأجواء وما فيها، وكأن السيد الشهيد (رحمه الله تعالى) أراد أن يوصل رسالة للجميع من خلال هذا اللقاء مفادها بلسان الحال : – إني كنت قد عينت سماحة الشيخ اليعقوبي على إدارة الجامعة للمميزات التي يتصف بها دون غيره، والآن وقد سمعت ما سمعت من اعتراض بعضكم أختم حياتي مسكا عطرا بأن أترقى في دعمي له بأن أقول بأنه الوحيد الذي يصلح لإدارة الحوزة تقليدا وقيادة من بعدي فعلى الجميع إتباعه، أبنائي وأعضاء مكتبي وطلبة الحوزة ومقلديني وكل من يرى لي حقا عليه….

عموماً كان اللقاء ضمن هكذا أجواء خارجية يتذكرها كل أو أغلب من عاصر السيد الشهيد (عليه الرحمة)، وأجواء داخلية يتذكرها طلبة الجامعة الأوائل وآخرون.

والقارئ الفطن يلاحظ أن أغلب الأحداث المهمة قد حدثت وتسارعت في سنة 1419هـــ , لذا كان توقيت الإعلان عن الوصية وما تضمنتها من تعيين القيادة والخلافة من بعده في هذا اللقاء موافقا للحكمة الإلهية لما يراه هو (رحمه الله)، فاغتيال الشهيدين الشيخين البروجردي والغروي (رحمهما الله) في ذي الحجة وصفر، أي قبل شهادة السيد الصدر بثمانية أشهر تقريبا، ثم استلام سماحة الشيخ اليعقوبي عمادة جامعة الصدر الدينية فعلياً بتاريخ 21 صفر، ثم لقاء الجامعة بتاريخ (5 جمادي الثاني) من نفس السنة أيضا، يكشف عن تسارع للأحداث وخطورة ملحوظة، وكما يقال فأن الأيام حبلى استوجبت الإسراع بالوصية من خلال هذا اللقاء بعد ان سبقته عدة اشارات وثناءات بحق سماحة الشيخ.

فمن هنا اختار السيد الشهيد الجامعة محلاً لوصيته لأسباب عدة منها اهتمامه الخاص والملحوظ بطلبة الجامعة وسعادته باللقاء والكلام معهم والاستماع اليهم، فيقول مثلاً:

(…أنا أدعو لكم بكل خير وسعادة وحسن توفيق ، حقيقة شيء مفرح – أي اللقاء بالطلبة- وأنا بالرغم من انه قليل أروح للمدارس لكنه اجتماعي بكم كنت أوده ، ورؤيتي لكم كنت أودها ، وكلامي أمامكم كنت أوده ، وسماعي منكم كنت أوده)([7]).

ومنها حضور مجموعة لا بأس بها متنوعة الأفكار والتوجهات
– بعض أعضاء المكتب وطلبة الجامعة – بحيث لا يمكن إنكار هذه الحقيقة مستقبلا، ولو حصل ذلك – وهو قد حصل من بعضهم- فأن طلبة الجامعة – ولو بعضهم- سيعلنون الأمر خاصة مع وجود التسجيل الصوتي، مضافا إلى رؤية السيد الشهيد (قدس سره) المستقبلية فكأنه يعلم بما ستؤول إليه الأمور بعد استشهاده من توقف مشاريعه أو تلاشيها أو إفراغها من مضمونها بتربع جماعة على بعض هذه المشاريع بعيدين كل البعد عن فكره (قدس سره) ومنهجه وبالتالي تذهب أدراج الرياح، لكن كيان ككيان الجامعة توقع لها البقاء والاستمرار والتطور بشرط أن يكون ربانها الشيخ اليعقوبي (دام ظله)، وهذا قد حدث بل توسعت الجامعة إلى باقي المحافظات على يد سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي حتى تجاوز عدد فروعها في النجف وبغداد وباقي المحافظات العشرين فرعاً كلها تُدرس علوم آل بيت النبوة وترفع أسم جامعة الصدر الدينية بعز و شموخ يشار لها ولطلبتها بالفضل والعلم والأخلاق.

وتجدر الإشارة إلى حصول حكمة في عدم اظهار هذا الشريط الصوتي أو عدم انتشاره حينها إلا لدى القليل وذلك بطلب من سماحة الشيخ العميد نفسه، ومن ثم انتشاره لاحقا وكأنها عملية إلهية للمحافظة على الخط الشريف ووريثه والجامعة، كون هذا الكاسيت وما فيه بقي بعيدا عن متناول يد السلطات الصدامية من جهة، ومناوئي السيد الشهيد من جهة أخرى حتى لا يتعرفوا على الوريث الشرعي للمدرسة الصدرية لفترة معينة وبالتالي لا يتمكنوا من القضاء عليه أو تشويه سمعته حوزويا واجتماعيا كما حصل تماما مع نفس شخص السيد الشهيد (قدس سره).

وكما قلنا فان السيد (رحمه الله) ألقى الوصية في مكان خاص ولنفر محدود وأطلق في مكان آخر إشارات إلى بعضهم هنا وهناك وهو يعلم عدم استحقاقهم أو اهليتهم لقيادة المدرسة الصدرية – سنتناولها لاحقا في الفقرة المعنونة كيف خطط السيد الشهيد للمرجعية من بعده- كعملية تضليل للأعداء ولتحصين الوريث من خطر الاغتيال الصدامي أو التشويه الذي سيحصل له كما حصل للسيد الشهيد بل فيه سيكون أسهل واشد.

وقد حضر اللقاء عميد جامعة الصدر الدينية سماحة الشيخ المرجع اليعقوبي (دام ظله)، والسيدين الشهيدين مصطفى ومؤمل الصدر (عليهما الرحمة)، والشهيد الشيخ محمد النعماني (عليه الرحمة)، والسيد مقتدى الصدر، والسيد حسين كلانتر، والسيد مصطفى اليعقوبي، والشيخ أسعد الناصري، والسيد عقيل الموسوي.

وقد التقطت عدة صور قبل اللقاء وبعده واثناء الوليمة عرضنا بعضها في ملحق الوثائق والصور يتضح فيها جميع الحضور ممن ذكرناهم.

ومن طلبة جامعة الصدر الدينية حضر طلاب الدفعتين الأولى والثانية والتي دمجت لاحقاً كمرحلة أولى والمدرجة أسماءهم أدناه :

 

 

طلبة الدفعة الأولـى

 

1- السيد ياسر محمد حمادي الياسري من الديوانية وهو الآن مديراً لجامعة الصدر الدينية / فرع الديوانية.

2- الشيخ علي كاظم علي الخفاجي من الناصرية وهو الآن إمام جامع الغراف.

3- السيد جعفر حسين عبد الصاحب الموالي من الحلة وهو المسؤول عن إدارة نقابة السادة العلويين في الحلة.

4- السيد عواد قاسم رسن الماجدي من بغداد وهو الآن مدير العلاقات الخارجية في جامعة الصدر الدينية النجف الاشرف.

5- الشيخ أسامة سلمان مجيد البياتي من الموصل.

6- الشيخ أحمد جاسم محمد العامري من بغداد.

7- الشيخ الشهيد حيدر مسلم جبر الحمداني من بغداد والذي أستشهد على يد العصابات الإرهابية التكفيرية.

8- الشيخ ماجد محمد خلف الحارثي من بغداد.

9- الشيخ زياد خلف ناشور العبودي من بغداد.

10- الشيخ علي بخيت  دشر المحمداوي من بغداد.

11- الشيخ وسام حنون جعفر الكعبي من بغداد.

12- الشيخ حيدر صالح مهدي الجليحاوي من كربلاء – وقد توفي رحمه الله تعالى.

13- الشيخ صلاح جاسم محمد العبيدي من بغداد.

 

 

طلبة الدفعة الثانية

 

1- الشيخ علي خليفة جابر من أهالي البصرة وهو الآن عميد جامعة الصدر الدينية النجف الاشرف وكالةً.

2- الشيخ ميثم طالب كاظم الفريجي من البصرة وهو الآن مشرفاً على فروع جامعات الصدر في المحافظات.

3- الشيخ عادل مطر فيلي الساعدي من بغداد وهو الآن المسؤول عن إذاعة البلاد.

4- الشيخ علي كامل عبد العامري من أهالي مدينة الصدر وقد شغل منصب مدير جامعة الصدر الدينية / فرع مدينة الصدر.

5- الشيخ ظافر محمد باقر محسن الجصاني من النجف الأشرف.

6- السيد ثائر حميد ياسر الياسري من السماوة.

7- الشيخ رعد هاشم عطوان الربيعي من البصرة.

8- السيد أحمد جبار علي الياسري من السماوة.

9- الشيخ أحمد مهدي حميد گندلة من الديوانية.

10- الشيخ عبد الأمير فالح حسين الزيداوي من بغداد.

11- الشيخ علي ناهي جبار البحراني من بغداد.  

 

([1]) أسماه سماحة المرجع الشيخ اليعقوبي يومها (يوم الجامعة).

([2]) تسجيل صوتي للسيد الصدر قاله في قاعة جامعة الصدر الدينية / النجف الاشرف بتأريخ 5 جمادى الاخرة 1419 هـ ، وسمي (لقاء الجامعة).

([3]) لقاء الجامعة، التسجيل الصوتي 5 ج2 1419 هـ.

([4]) كتاب منهج الصدر، مجموعة من لقاءات وحوارات السيد الصدر، الحوار الرابع، تقرير اسماعيل الوائلي.

([5]) النمل : 50.

([6])  الشهيد الصدر الثاني كما اعرفه، الشيخ اليعقوبي، الفصل الثالث، جامعة الصدر الدينية.

([7])  لقاء الجامعة بتاريخ 5 ج2 1419.